كان يوم أربعاء. اليوم. قد مرّ وقت طويل منذ آخر مرّة خرجت فيها من البيت. كانت الشّمس تغيب دقائق لتمرّ بعدها بسلاسة على أوراق الأشجار المتبقية على الشّجر، وتلك التي على الأرض. مرّت الشّمس في طريقها على رأسي، وشعرت أنّها أذابت قليلاً ذاك الجليد. بيتي ليس جانب البحر، ولكن يمكنني سماع الأصوات التي تكون عند البحر. عادةً في الصيف أجد الكراسي في أيّ مكان في دارنا ولكن اليوم كانت كلّها مرصوصة في مكان واحد ومغطاة لحمايتها من الأمطار اذا أمطرت. أحضرت كرسياً فوضعته أمام الطّاولة في الدار وجلست. هناك رأيت الشّمس. ربّما رأيت الشّمس في أحيانٍ سابقة. أو بالتّأكيد وليس ربّما. ولكن اليوم رأيتها مجدّداً. لم أرها منذ زمنٍ طويل كما تعلمون. الآن أنا على الكرسي أحاول أن أشعر بشيء ما. مللت الشاشات في الدّاخل. في الحقيقة مللت كلّ شيء في الدّاخل، وفي داخلي. جلست أحاول أن أشعر بشيءٍ ما. رأيت نفسي على الكرسي وأمامي تلك الشجرة التي لم أنتبه إلّا الآن أن أوراقها كلّها تساقطت. رأيت نفسي وأنا سجينٌ يظنّ أنّ مشاكله والعواصف في رأسه شيء لا يحتمل. شعرت بشيء يسحب هذا التّصوّر من رأسي ورأيت بيتنا بين بيوت كثيرة من أعلى. ثمّ رأيت قريتي وحولها بقية القرى. ثمّ رأيت بلدي وحوله من حوله من بقيّة البلدان على الأرض. ثمّ رأيت الأرض بين الكواكب. وهكذا. شعرت بدوار جميل. دافئ مطمئن. هدأ الدمّ المحروق من فرط العجلة في رأسي عندما شعرت بهذا الصّغر الجميل. صغرنا الجميل. صغرنا الحقيقي. لعلّك عزيزي القارئ رأيت هذه الفكرة كثيراً من قبل. لكن الحقّ هذا ما شعرتُ به اليوم عندما رأيت الشّمس. وداعاً الآن فعليّ العودة إلى الدّاخل. لكن لا أريد العودة إلى الحفرة. ربّما عليّ أن أزور الشّمس أكثر في الأيّام القادمة. نلتقي حينها.